قضايا وآراء

ماذا يعني اتفاق أوسلو للولايات المتحدة الأمريكية؟

حازم عياد
انهيار اتفاق أوسلو يعني لأمريكا اندثار أحد أبرز معالم نفوذها في المنطقة الذي ارتكزت عليه منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي.. (الأناضول)
انهيار اتفاق أوسلو يعني لأمريكا اندثار أحد أبرز معالم نفوذها في المنطقة الذي ارتكزت عليه منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي.. (الأناضول)
انهيار اتفاق أوسلو دون توافر بدائل له؛ وتحلل وتفكك السلطة في رام الله يعني الكثير للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي؛ فأوسلو حلقة من حلقات المشروع الأمريكي الذي بدأ بكامب ديفيد، ولم ينته بوادي عربة وصولا إلى اتفاقات إبراهام التطبيعية مع الكيان الإسرائيلي.

أوسلو بهذا المعنى، أساس لما قبله وما بعده؛ وانهياره يهدد بانهيار وتفكك نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في غرب آسيا وأفريقيا.

أوسلو ليس مجرد اتفاق في نظر الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها في أوروبا؛ إذ جاء بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي؛ فالاتفاق أحد عناوين الهيمنة والنفوذ الأمريكي في المنطقة لما بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي؛ وانهيار مشروع أوسلو عنوان لما بعد النفوذ الأمريكي وانهياره في المنطقة.

أوسلو مسار أمني وسياسي واقتصادي أمريكي يراد له البقاء والتجدد المستمر تحت عناوين متعددة؛ تارة معسكر السلام، وتارة مفاوضات السلام؛ وتارة مسار السلام الاقتصادي، وأخيرا مسار التطبيع والاتفاقات الإبراهيمية؛ فهو عنوان يتكرر ليبرر كل ما سبقه وكل ما جاء بعده، وبدونه فإن الاتفاقات والمشاريع الأمريكية كافة في مهب الريح.

ما تدركه واشنطن ويغفله شركاؤها أحيانا من المتحمسين للتطبيع مع الاحتلال؛ أن التطبيع لا يمكنه أن يمثل بديلا عن أوسلو (الفكرة)، إذ لا يكفي عقد اتفاق مع العرب والمسلمين بدون الفلسطينين؛ فانهيار أوسلو ومشروع السلطة في رام الله، سيعني مأزقا كبيرا للنفوذ الأمريكي يقود لتجميد أو انهيار اتفاقات التطبيع والسلام، بما فيها كامب ديفيد مع مصر الذي سبقه ووادي عربة مع الأردن الذي جاء بعده.

ما تدركه واشنطن ويغفله شركاؤها أحيانا من المتحمسين للتطبيع مع الاحتلال؛ أن التطبيع لا يمكنه أن يمثل بديلا عن أوسلو (الفكرة)، إذ لا يكفي عقد اتفاق مع العرب والمسلمين بدون الفلسطينين.
خروج الفلسطينين من معادلة السلام الأمريكي سيكون لها تداعيات خطرة على النفوذ الأمريكي في المنطقة؛ ولا يتوقع أن تستسلم واشنطن بسهولة، إذ ستواصل بذل جهودها لإحيائه عبر مشاريع لا تختلف عن مشروع دايتون والتنسيق الأمني؛ خصوصا أنه يترافق مع صعود المقاومة المسلحة في الضفة الغربية كمسار بديل متمرد على المرجعية الأمريكية الأمنية والسياسية والاقتصادية.

ذلك كله يأتي في ظل تحديات استثنائية تواجهها أمريكا بسيطرة الفاشيين على الدولة العميقة في الكيان المحتل، مفقدة واشنطن القدرة على التأثير في مسار الكيان وقراراته؛ والأهم صعود النفوذ الصيني واتساع نطاق الاشتباك العسكري والأمني مع روسيا من أوكرانيا إلى القارة الأفريقية في النيجر ومال،ي مع احتمالات تفجره أيضا في الأراضي السورية على شكل حروب وصراعات بالوكالة.

فما تعانيه الولايات المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا يختلف كثيرا عما تعانيه في شبه الجزيرة الكورية ومضيق تايوان والباسفيك في آسيا، أو حتى في أوكرانيا والقارة الأوروبية أو في أفريقيا مؤخرا في النيجر وبوركينا فاسو ومالي والسنغال والسودان وفي كوبا وفنزويلا والأرجنيتن والبرازيل في أمريكا الجنوبية، وقبل ذلك كله في اتفاقات أوبك بلس بين السعودية وروسيا ومناورات الصين والإمارت الجوية.

أمريكا تشعر بالتهديد وبانكسار حلقات نفوذها في كل مكان من هذا العالم والأراضي الفلسطينية ليست بمعزل أو استثناء عن هذه الحالة. ورغم أن لها أسبابها ومفاعيله المحلية الفلسطينية والعربية والإسرائيلية؛ إلا أنها مؤشر آخر على إمكانية كسر حلقة مهمة من حلقات نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة التي بدأت آثارها تظهر في الاقتصاد والسياسية المحلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. 

ما حدث ويحدث من إرهاصات في الأراضي الفلسطينيية والجوار العربي، يوحي بأن المواجهة المقبلة لن تكون سهلة على الفلسطينينين؛ فوصول اتفاق أوسلو إلى طريقه المسدود، والعجز عن إعادة إنتاجه أمريكيا، يعني انكسار حلقة من حلقات النفوذ الأمريكي التي ستقود إلى سلسة متتابعة من التفاعلات، تبدأ بالمسار التطبيعي لتصل إلى اتفاق كامب ديفيد ووادي عربة.

مخاوف ستقود الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات متطرفة في المستقبل القريب، تفاقم من حدة الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة لرفع الكلف على الفلسطينيين؛ مسار سيقود بدوره إلى مزيد من التدهور في النفوذ الأمريكي، في نتائج عكسية لا تختلف عن المسار الذي أنتجته السياسة الأمريكية مؤخرا في السودان والنيجر وأوكرانيا ومضيق تايوان.

ختاما..

انهيار اتفاق أوسلو يعني لأمريكا اندثار أحد أبرز معالم نفوذها في المنطقة الذي ارتكزت عليه منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي؛ فهو حلقة من حلقات السلام الأمريكي ـ  الهيمنة  الأمريكية، التي فرضت من خلاله واشنطن قواعد الحرب والسلام في المنطقة غلى مدى الـسنوات الـ 45 الماضية ـ  فإن انكسرت حلقاتها اهتز نفوذها بالكامل؛ لتحرم بذلك من تحديد قواعد الحرب والسلم في المنطقة.

https://twitter.com/hma36
التعليقات (2)
ابو العريف
الجمعة، 04-08-2023 08:26 م
سلامات لامريكا من كل شر ابو فهمي الله يخليلك اياها ويمتعك بشبابها
أبو فهمي
الجمعة، 04-08-2023 05:07 م
هذه أخبار خطيرة جدا على """""" صحة """""" النظام """ الأمريكي """ ويجب وضعه """"""" بالعناية المشددة """""" فورا كي لا """"" ينجلط """"" - أي تصيبه جلطة -!.