سياسة عربية

استقالة وزيرين لبنانيين.. والحكومة: مستمرون بعملنا

منذ 17 تشرين أول الماضي شهد لبنان احتجاجات واسعة ضد الطبقة السياسية الحاكمة- جيتي

تعصف في لبنان استقالات عدة لمسؤولين بين وزراء ونواب، اليوم الأحد، بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت، وسط غضب شعبي متنام. 

 

واستقالت وزيرة الإعلام اللبنانية، منال عبد الصمد، صباح الأحد، من الحكومة على وقع الأزمة التي يعيشها لبنان لا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت.

 

وقالت في مؤتمر صحفي: "بعد هول كارثة انفجار بيروت، وانحناء أمام دماء الشهداء، وتجاوبا مع الإرادة الشعبية للتغيير، استقيل من الحكومة، متمنية للبنان استعادة عافيته".

 

وأضافت: "أعتذر من اللبنانيين الذين لم نتمكن من تلبية طموحاتهم.. التغيير بقي بعيد المنال".

 

 

وأبلغ وزير البيئة اللبناني ديميانوس قطار، الأحد، رئيس الحكومة حسان دياب، قراره بالاستقالة من الحكومة، على خلفية انفجار مرفأ العاصمة بيروت.

وفي تصريح للأناضول، قال سعد الياس، مستشار وزير البيئة: "قطار أبلغ رئيس الحكومة قراره بالاستقالة وتجري حاليا مفاوضات لثنيه عنها".

وأفادت وسائل إعلام محلية بأن "قطار"، قدم اسقالته في كتاب خطي إلى دياب خلال جلسة لمجلس الوزراء، ويعمل الأخير على ثنيه عنها.

 

من جانبها وزيرة العمل اللبنانية، لميا يمين، الأحد، إنه "لا قرار باستقالة الحكومة"، على خلفية انفجار مرفأ العاصمة بيروت.


وفي تصريح الوزيرة جاء بعد اجتماع وزاري جمع رئيس الحكومة، حسان دياب، وعدد من الوزراء.


كما قال وزير الصناعة، عماد حب الله، عقب الاجتماع: "الحكومة صامدة، ومستمرون بالعمل ونقوم بمسؤوليتنا تجاه الناس".

 

وكذلك استقال البرلماني نعمة افرام، من مجلس النواب اللبناني في مؤتمر صحفي أيضا.

 

وقال: "أعلن استقالتي من مجلس النواب وتعليق نشاطي النيابي إلى حين الدعوة إلى جلسة لتقصير ولاية المجلس والدعوة إلى انتخابات نيابيّة مبكرة".

 

وبذلك يكون سادس نائب في البرلمان يعلن استقالته.

 

وذكرت قناة "أل بي سي" اللبنانية إن وزير الاقتصاد راوول نعمة يتجه إلى تقديم استقالته من الحكومة أيضا.

 

وكذلك نقلت مواقع محلية عن النائب عن كتلة المستقبل نزيه نجم، قوله إن "هناك اتصالات نجريها مع القوات والحزب التقدمي الإشتراكي لنقوم باستقالات جماعية".

وأضاف: "من المؤكد أننا سنستقيل".

وتأتي الاستقالات غداة إعلان كل من رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" سامي الجميّل، استقالة نواب حزبه الثلاثة من مجلس النواب"، وكذلك إعلان انائبة بولا يعقوبيان استقالتها، داعية في حسابها على "تويتر" من وصفتهم بنواب الأمة، إلى "تقديم استقالات جماعية من مجلس العجز والخذلان".

وكان أيضا عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي"، النائب مروان حماده، تقدم الأربعاء، باستقالته من مجلس النواب على خلفية انفجار مرفأ بيروت.

 

دعوات للتظاهر الأحد

 

وتوالت الأحد الدعوات للعودة إلى الشارع للتظاهر ضد السلطة الحاكمة غداة تظاهرات ضخمة ومواجهات عنيفة بين القوى الأمنية ومحتجين اقتحموا وزارات عدة مطالبين بـ"الانتقام" والمحاسبة بعد انفجار مرفأ بيروت، الذي حول العاصمة إلى مدينة "منكوبة".


ولا تزال عمليات البحث عن عالقين تحت أنقاض المرفأ المدمر والأحياء المتضررة في محيطه مستمرة.

 

وما تزال تسود حالة من الغضب في الأوساط اللبنانية، على وقع انفجار الثلاثاء بمرفأ بيروت، حيث خرجت احتجاجات واسعة في العاصمة، مساء السبت، تطالب بمحاسبة المسؤوليين عن الحادث المأساوي.

مقتل عنصر أمن

 

وأدت الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت في العاصمة بيروت، إلى مقتل عنصر من قوى الأمن الداخلي، وإصابة 490 شخصا آخرين، بحسب ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام.

ونقلت الوكالة اللبنانية عن غرفة عمليات جهاز الطوارئ والإغاثة في الجمعية الطبية الإسلامية، أن 490 أصيبوا خلال "تصادم بين القوى الأمنية والمحتجين" في ساحة الشهداء وسط بيروت، وأن مسعفي الجهاز عملوا على "إسعافهم ميدانيا ونقل 90 منهم إلى مستشفيات العاصمة".

من جانبها، أعلنت قوى الأمن الداخلي عن مقتل الرقيب أول توفيق الدويهي وإصابة أكثر من 70 عنصرا تابعا لها، نتيجة "أعمال شغب" خلال "مهمة حفظ الأمن والنظام تزامنا مع التظاهرة التي نظمت السبت"، بحسب ما جاء في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي.

ونفت قوى الأمن "شائعات" بأن عنصرها القتيل قد سقط بالرصاص، مشيرة إلى أنه قتل "خلال قيامه بعملية حفظ أمن ونظام أثناء مساعدة محتجزين داخل فندق Le Gray، بعدما اعتدى عليه عدد من القتلة المشاغبين"، على حد تعبيرها.

وبحسب ما جاء في بيان قوى الأمن، فإنه خلال المظاهرة تم القبض على "20 شخصاً ضُبط بحوزة أحدهم مخدرات، وتبيّن نتيجة إجراء الفحوصات، أن 13 منهم من المتعاطين".

 

اقرأ أيضا: اقتحام وزارات بلبنان.. ودياب يدعو لانتخابات مبكرة (شاهد)
 

وتخلل الاحتجاجات السبت عمليات كر وفر بين قوى الأمن والمتظاهرين، وشهدت إطلاق الغاز المسيل للدموع واقتحام وإحراق مقرات حكومية.

 

وجاءت الاحتجاجات تحت عنوان "يوم الحساب"، التي دعا إليها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك دعوات للحشد الأحد في بيروت.

واقتحم محتجون غالبيتهم من المتقاعدين العسكريين، مبنى وزارة الخارجية، ورفع بعضهم لافتة كُتب عليها مقر "بيروت مدينة منزوعة السلاح"، و"مقر ثوار 17 تشرين".

وفي وقت لاحق، أخرج الجيش اللبناني المتظاهرين من وزارة الخارجية في العاصمة بيروت، بحسب ما أكدته مصادر رسمية لبنانية.

واقتحم محتجون مباني وزارات الاقتصاد والبيئة والطاقة، لفترة وجيزة، فيما أضرم آخرون النار في مبنى جمعية المصارف وسط بيروت، كما أضرمت مجموعات أخرى النار في أشجار محيطة بالبرلمان اللبناني.

وعلق المتظاهرون أبرز الرموز السياسية في لبنان على المشانق بساحات بيروت، وسط دعوات لمحاسبة الطبقة الحاكمة والإطاحة بها، على خلفية انفجار مرفأ بيروت.

 

وإزاء هذه التطورات، أعلنت السفارة الأمريكية في بيروت، "دعمها للمتظاهرين في حقهم بالاحتجاج السلمي"، مطالبة "جميع المعنيين بالامتناع عن العنف".

في المقابل، أعربت قيادة الجيش عن "تفهمها لعمق الوجع، والألم الذي يعتمر قلوب اللبنانيين، وتفهمها لصعوبة الأوضاع التي يمر بها الوطن".

ودعت قيادة الجيش في تغريدة، المحتجين إلى "الالتزام بسلمية التعبير، والابتعاد عن قطع الطرق، والتعدي على الأملاك العامة والخاصة".

 

ودعا رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب السبت، إلى عقد انتخابات نيابية مبكرة، للخروج من الأزمة الحالية التي تفاقمت بالانفجار الكارثي في مرفأ بيروت.


وقال دياب في خطاب جديد إنه سيطرح الاثنين أمام البرلمان مشروع قانون انتخابات مبكرة، قائلا إنه السبيل الأمثل لإخراج البلاد من أزمته الحالية.

وتابع بأنه لا يتحمل المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة التي يمر بها لبنان.
 
وحذر دياب من أن الحكومة لن تتساهل في تحقيقات الانفجار الذي خلّف أكثر من 150 قتيلا، مشيرا إلى أن جميع المتورطين ستتم محاسبتهم.

ومنذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، شهد لبنان احتجاجات واسعة ضد الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحملونها مسؤولية الأزمات المتلاحقة. إلا أن وتيرة تحركهم تراجعت تدريجيا بعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة حسان دياب، ومن ثم انتشار وباء كوفيد-19 لتقتصر على تحركات أمام مرافق ومؤسسات.

 

التحقيق مستمر.. وفرنسا تشارك

 

أعلن السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه، الأحد، أن بلاده تشارك في التحقيقات الجارية بانفجار مرفأ بيروت الثلاثاء الماضي.

وقال فوشيه، في سلسلة تغريدات له عبر تويتر، إن "فرنسا تشارك في التحقيق الجاري في انفجار 4 أغسطس/أب".

وأضاف أن بلاده تقدم لـ 46 من رجال الشرطة والدرك بلبنان، الدعم الفني للتحقيق القضائي الذي فتحه المدعي العام "ضمانا للنزاهة والسرعة في التحقيقات".

 

 

 


من جانبه، دعا رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، إلى تحقيق مستقل في انفجار مرفأ بيروت.


وسبق أن أعلنت السلطات اللبنانية، الأربعاء، عن إجراء تحقيق محلي في انفجار مرفأ بيروت، يستغرق خمسة أيام.

 

لكنّ رؤساء أحزاب ورؤساء حكومات سابقين ومفتي لبنان وجهات نقابية يطالبون بإجراء "تحقيق دولي" في الانفجار.

 

وارتفع عدد الموقوفين في قضية انفجار المرفأ حتى السبت إلى 20، فيما قرر مصرف لبنان تجميد حسابات 7 موظفين، بينهم مديرا المرفأ حسن قريطم، والجمارك بدري ضاهر.

 

اقرأ أيضا: خبير روسي: النترات سُرقت ولو بقيت لدُمرت بيروت كلها

وقرر القضاء اللبناني منع سفر عدد من المسؤولين في المرفأ بينهم المدير العام الأسبق للمرفأ شفيق مرعي إضافة إلى ضاهر وقريطم.

وزار ميشيل مرفأ بيروت، السبت، ليرى آثار الانفجار، الذي وقع الثلاثاء الماضي، وخلف نحو 158 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح، في حصيلة غير نهائية، إلى جانب عشرات المفقودين والمشردين.


ودعا ميشيل النخبة السياسية اللبنانية إلى اعتبار هذه اللحظة فرصة لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تشتد الحاجة إليها.


وأكد رئيس المجلس الأوروبي أنه "على القوى السياسية المحلية اغتنام الفرصة والتوحد حول جهد وطني للاستجابة للاحتياجات العاجلة، ولكن أيضا للتحديات طويلة المدى التي تواجهها البلاد".

 

وخلال الأيام الماضية، زارت وفود عربية ودولية العاصمة بيروت، للوقوف على الحادث المأساوي، معربة عن تضامنها وتقديم المساعدة والإغاثة للبنان.

 

حفرة بعمق 43 مترا

 

وخلف الانفجار الهائل في مرفأ بيروت حفرة بعمق 43 مترا، وفق مصدر أمني نقل عن تقديرات لخبراء فرنسيين في الحرائق أُرسلوا إلى المكان.

 

وقال المصدر الأمني إن "خبراء التفجير الفرنسيين اكتشفوا أن انفجار المرفأ خلف حفرة بعمق 43 متراً".

 

وأعلن المعهد الأميركي للجيوفيزياء ومقره ولاية فيرجينيا الأمريكية، أن قوة الانفجار تعادل زلزالا شدته 3.3 درجات على مقياس ريختر.

 

وعلى سبيل المقارنة، أحدث انفجار قنبلة ذرية من 104 كيلوطن عام 1962 في موقع "سيدان" للتجارب النووية في نيفادا (في غرب الولايات المتحدة)، حفرة بعمق يقارب المئة متر.

 

وأحدث انفجار الشاحنة المفخخة الذي تسبب بمقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005، حفرة قطرها عشرة أمتار على الأقل وعمقها مترين، وفق ما جاء على الموقع الإلكتروني للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان.