قضايا وآراء

الباحثون: فاطمة ناعوت وإسلام البحيري وعبد الفتاح السيسي!

ياسر أنور
1300x600
1300x600
ليست مصادفة تلك الهجمة المنظمة وغير الموضوعية التي تشن الآن ضد الإسلام بدعوى التنوير ومحاربة الخرافة.

تلك الحملة التي يقودها (الباحث )عبد الفتاح السيسي بنفسه، وإن تظاهر بأنه بعيد عن ذلك المشهد (التنويري ). لقد كان الخلاف السياسي هو الواجهة التي يستتر خلفها داعمو "30 يونيو " بشتى طوائفهم وانتماءاتهم السياسية والأيدولوجية. 

ومع مرور الوقت، وانقشاع ضباب الجدل السياسي، بدأت كثير من الألغاز التي عجز البعض عن تفسيرها آنذاك، بدأت تتضح شيئا فشيئا، حتى أصبح من العبث أن نختزل انقلاب 30 يونيو في أنه انقلاب سياسي أو عسكري، بل لا نبالغ إذا وصفناه بأنه انقلاب ديني، وبطريقة أكثر تحديدا: انقلاب ضد الإسلام. 

ولذلك لم يفوت (الباحث ) عبد الفتاح السيسي فرصة إلا وطعن في (الأفكار والنصوص المقدسة )، متهما العالم الإسلامي كله بأنه عالم إرهابي، متجاهلا دور الإسلام العظيم في تحرير العقل الإنساني من أغلال الخرافة، متناسيا أن الإسلام هو الذي قاد حركة التنوير في أوروبا بشهادة المنصفين في العالم الغربي، وأنه لولا الإسلام لما كانت تلك الحضارة التي يحاول (الباحث )عبد الفتاح السيسي أن يقنعنا بأننا عبء عليها. 

كان من الممكن أن يكون كلامه مقبولا لو أنه اتصف ببعض الحيادية، فاعترف بدور الإسلام الحضاري وبتأثيره على العالم الغربي ذاته، لكن أن يكون كل كلامه عن الإسلام بهذه الطريقة السلبية و التهكمية، وأن تكون ممارساته بكل هذا العنف، وأن يكون مشروعه الأكبر هو محاربة الإرهاب الإسلامي، فهذا لا يعني إلا شيئا واحدا، أن هذا الباحث في الشأن الإسلامي ليس باحثا موضوعيا يتحدث عن الإيجابيات والسلبيات في التاريخ والتراث الإسلامي، الذي هو بلا شك مجهود بشري في التعامل مع النص المقدس. 

ومن البدهي أن هذا المجهود البشري له ما له، وعليه ما عليه، لكن المدهش أن هذا الباحث لا يريد أن يفرق بين النص المقدس، والفكر البشري الذي تعامل مع هذا النص، فهو يصر على أن يسوي بينهما، وهذا بلا شك يطرح كثيرا من التساؤلات المشروعة تجاه موقفه الإيماني، وبخاصة أنه يغض الطرف عن تلك الإساءات المتجاوزة ضد النص المقدس، التي بدأتها فاطمة ناعوت مؤخرا، وهي تتهكم على النبي إبراهيم ورؤياه بذبح ابنه، تلك الرؤيا التي وصفتها "ناعوت" بأنها لم تكن إلا كابوسا، متهمة المسلمين بأنهم يقومون بأكبر مذبحة ضد الحيوانات في عيد الأضحى، ومع أن الأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام تؤمن بقصة الفداء هذه مع اختلافات يسيرة، غير أن الهجوم والنقد والإساءة لا تكون إلا ضد الإسلام فقط، وهو الأمر الذي يؤكد أنها حملات موجهة، بل ومدفوعة الأجر أيضا.

 وقد أشارت ناعوت نفسها إلى ذلك الأمر حينما قالت إن الرئيس (الباحث) عبد الفتاح السيسي أوكل إليها مهمة تجديد الخطاب الديني! كما أشار أيضا المدعو إسلام البحيري في مداخلة مع إحدى الفضائيات قائلا: إن الرئيس (الباحث ) عبد الفتاح السيسي يحمل أفكاره ذاتها. 

والمتأمل لفكر هؤلاء الباحثين الثلاثة يجد أن القاسم المشترك بينهم هو الكراهية العمياء للتاريخ الإسلامي، وربما للإسلام ذاته، فهم لا يرون أية بقعة مضيئة في هذا التاريخ وفي هذا الدين الذي لولاه لظل العالم قابعا في ظلمات جهله متخبطا في شرك الخرافة التي ورثها عن الأديان الأخرى، والتي استطاع الإسلام أن ينسفها من خلال منهجه العلمي والحضاري. 

لقد صدرت في السنوات الأخيرة في العالم الغربي عشرات الكتب التي تتحدث عن دور الإسلام في تشكيل وتأسيس الوعي والفكر الغربي الحديث، منها كتاب كيف شكل أبدع الإسلام : How Islam Created the Modern World  لـ "مارك جراهام " و كتاب : عبقرية الإسلام، كيف صنع المسلمون العالم الحديث : The Genius of Islam، How Muslims made the Modern World  لـ برين برنارد، وكتاب بيت الحكمة : The House of Wisdom  لـ جوناثان ليونز، وغير ذلك من الكتب التي تتفق على أن الإسلام هو الذي أطلق شرارة التنوير والبحث العلمي في العالم، وهو الذي قاد مسيرة الحضارة في القرون الوسطى. 

وفي الوقت الذي كان يطلق فيه على تلك الحقبة في العالم الغربي: "عصور الظلام " أو Dark Ages ، كانت الحقبة ذاتها تسمى بالعصر الذهبي للحضارة الإسلامية:Golden Age of the Islamic Civilization، وهو الأمر الذي يصر على أن يتجاهله الباحثون: فاطمة ناعوت وإسلام البحيري وعبد الفتاح السيسي.
0
التعليقات (0)