تقارير

دير البلح.. مدينة فلسطينية فتحها "ابن العاص" واستعصت على " الأيوبي"

مشروع لتطوير مخيم دير البلح للاجئين وسط قطاع غزة
كغيرها من محافظات ومدن قطاع غزة تعرضت مدينة دير البلح للقصف بكافة أشكال الأسلحة والوسائل العسكرية والقتالية التي ألحقت دمارا شاملا بعدد كبير من المباني والمنشآت، وارتقى آلاف من سكانها شهداء، وعدد كبير جدا هم جرحى ومهجرون.

لم تسلم دير البلح من جرائم الحرب التي لا تزال آثارها جاثمة على تفاصيل الحياة اليومية لسكان المدينة.

وتعرف دير البلح بشواطئها وبأشجار النخيل، وتقع دير البلح على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وعلى مسافة 10 كيلومترات شمال مدينة خانيونس، وعلى مسافة 16 كيلومترا جنوب مدينة غزة.


                                                            شاطئ مدينة رفح

ويعود تاريخ دير البلح إلى العصر البرونزي المتأخر حين كانت حصنا من حصون المملكة المصرية على حدودها مع بلاد كنعان.

فيما يعود أصل تسمية دير البلح بهذا الاسم إلى أول دير في فلسطين حيث أقامه القديس هيلاريوس المدفون في الحي الشرقي من المدينة، وسميت أيضا بالبلح لكثرة أشجار النخيل التي تحيط بها، وكانت في القديم تعرف باسم "داروم" وهي كلمة سامية بمعنى الجنوب، وما زال مدخل غزة الجنوبي يعرف باسم "باب الداروم".

وفي زمن الحروب الصليبية ذكرت دير البلح باسم "الداروم" و"الدارون"، وكانت إحدى المدن الرئيسية في مملكة القدس الصليبية، وأقيمت فيها قلعة لها أربعة أبراج للدفاع عنها.

ودير البلح فتحها المسلمون عام 13 هجرية على يد عمرو بن العاص.

واستعصت المدينة على القائد صلاح الدين الأيوبي حين أراد دخولها، ولكنه عاد ودخلها بجيشه عام 1177 بعد محاولات عديدة، وبذلك فهي أول مدينة حررت في فلسطين من أيدي الصليبيين.

وأصبحت في زمن المماليك محطة للبريد بين مصر وغزة.

وفي عام 1948 هاجر إلى دير البلح أعداد كبيرة من الفلسطينيين التابعين إلى لواء غزة، والقليل من لواء اللد ويافا، واستقروا على ساحل دير البلح وعددهم 24 ألفا.


                                                       أحد مخيمات دير البلح

وخضعت المدينة للحكم المصري فترة زمنية حتى عام 1967 حين وقعت دير البلح في أيدي الاحتلال الإسرائيلي، وتنفيذا لـ"اتفاقه أوسلو"، دخلت قوات الأمن الوطني والشرطة الفلسطينية مدينة دير البلح عام 1994، وفي عام 2007 انتقل الحكم إلى سلطة حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وكان يمر في المدينة قبل عام 1948 خط السكك الحديدية القديم في الجزء الشرقي منها وكان يصل بين مدينة حيفا ومدينة رفح، ويصل إلى القاهرة عبر صحراء سيناء. وبعد عام 1948 أصبح يمر في المدينة خط السكك الحديدية الذي يصل مدينة غزة بالقاهرة عبر صحراء سيناء، وقد توقف العمل بهذا الخط بعد احتلال قطاع غزة عام 1967 وتم تخريبه وإزالته وتم استخدام مسار هذا الخط كطريق بري عبر المناطق التي يمر بها.

ويتبع محافظة دير البلح مخيمات المنطقة الوسطى وهي: النصيرات، البريج، المغازي، ومخيم دير البلح.

ويعمل الكثير من سكان محافظة دير البلح في الزراعة وتشتهر بالنخيل، والحمضيات، والخضراوات، والزيتون، والتين.


                                            موسم جني ثمار البلح في دير البلح

ومن أهم الصناعات الموجودة في دير البلح: الصناعات الغذائية، والصناعات الحرفية.

والكثير من سكان المحافظة هم أيدي عاملة.

أما أهم المعالم السياحية والتاريخية في المدينة فهي:

- تلة أم عامر التي تقع إلى الجنوب من معسكر النصيرات، وهي تلة أثرية عثر فيها على أرضية فسيفسائية ملونة تعود إلى العصر البيزنطي.

- ومقام الخضر الذي يقع في وسط مدينة دير البلح، وأسفل هذا المقام يوجد دير القديس هيلاريون أو "هيلاريوس" الذي يعود إلى القرن الثالث الميلادي.

- وقلعة دير البلح التي أنشأها عموري ملك القدس الصليبي.

- وهناك مقبرة دير البلح حيث تشتهر المدينة بمجموعة من التوابيت المصنوعة على شكل إنسان، التي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المتأخر والمنسوب إلى ما يسمى بملوك الفلسطينيين، ويعود تاريخ المقبرة إلى الفترة ما بين القرن الرابع عشر قبل الميلاد والـ1200 قبل الميلاد. واكتشف مع هذه التوابيت كميات كبيرة من الأواني المصنوعة من الألباستر، ومنها من الفخار الكنعاني والمايسيني والقبرصي والمصري، ويبدو أنها كانت تستخدم قرابين للدفن.

  - أما تل الرقيش فهو موقع أثري يقع على ساحل دير البلح مباشرة، وكشفت عمليات التنقيب التي أجريت على التل عن وجود مستعمرة فينيقية كبيرة ومزدهرة، فيها أسوار دفاعية ضخمة، ومقبرة ذات طابع فينيقي لدفن رماد الجثث المحروقة التي يعود تاريخها إلى العصر الحديدي المتأخر وإلى الفترة الفارسية، وقد كشف المنقبون أنواعا عديدة من القدور المصنوعة محليا من الفخار المسمى بالرقيش.

وكان يفترض أن تكون دير البلح "مناطق آمنة" يأوي إليها سكان شمال غزة هربا من عمليات القصف العشوائي التي كان يشنها جيش الاحتلال على شمال غزة، لكن الواقع أثبت أن "المناطق الآمنة" كذبة ودعاية، فقد تعرض الجنوب نفسه للعدوان، وكانت رفح واقعة في حزام النار والموت والدمار.

المصادر

ـ دير البلح، مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا).
ـ دير البلح، وكالة الرأي الفلسطينية للإعلام، 12/11/2015.
ـ "البحر يعجز عن غسل هموم نازحي غزة"، موقع رأي اليوم، وكالة رويترز، 27/11/2023.
ـ نور أبو عيشة، "غزة تفتتح موسم جني ثمار "البلح"، وكالة الأناضول، 1/10/2020.
ـ الموسوعة الفلسطينية.
ـ إسلام أبو الهوى، دير البلح: سوق الثلاثاء الشعبية الآلاف يرتادونها والأسعار تناسب الجميع، صحيفة الأيام الفلسطينية، 17/11/2019.